لاشك ان الاستاذ عبدالرؤوف نوع فريد من
المدرسين, فهو يجمع بين النقمة على المجتمع
وبين حبه لتلامذته حتى انه اذا غاب أحدهم
يظل يسظال عنة, حتى اذا حضر ذلك الغائب
قابله بالسب والشتيمة لدرجة ان الطالب
لايصدق أصحابه الذين قالوا ان الاستاذ
عبدالرؤوف يتحرى أخباره, وأنه كان مشغولا علية..ويأخذ يلوم أصحابة لأنهم أفهموه غير
الحقيقة, ولكنهم يحلفون له وهم متعجبون مثله لسلوك الاستاذ عبدالرؤوف , وهم لايصدقون
أن هذا الاستاذ الحنون العطوف على من يغيب منهم, هو نفس الاستاذ الناقم الزاجر لنفس
الطالب الذي كان يسأل عنة, وحتى على تلك النتيجة يضحكون
وكان عبدالرؤوف هذا بخيلا على نفسة فقط فهو لا يغير بدلته..بل كان بخيلا ايضا على
زوجتة التي في بلدته في محافظة سوهاج التي لم تحضر معة , فهو لايبعث لها الا القليل
القليل:.ولكنة كان يفاجيء تلاميذه بأن يشتري لأحدهم جلاد كراسة اذا اصر احد الطلبة على
عدم الشراء, ويزداد استغرابهم لسلوك الاستاذ عبدالرؤوف ولهذة التصرفات التي لاتزيدهم
الا ضحكا..وهو غير منظم أبدا..فيخبرهم أنة في غرفتة الوحيدة لا يعرف أين يضع
حاجياته من شدة اضطرابها, فالكراسات على السرير, وبقية من طعام,ودولاب الملابس
خاوي, وملابسه إما على الأرض أو معلقة على الحائط..وهو يدرسهم مادتي التربية
الاسلامية واللغة العربية ولكنة لايتقيد بجدول الحصص, فلا يحول الجدول دون ان ينتقل من
الحديث الشريف الى درس النحو..ومن درس النحو الى الفقة الاسلامي..هكذا هو خلق منذ
كان, وبرغم كل سيئاتة فهم يحبونة, وكلما اكتشفوا شيئا جديدا في استاذهم ازدادوا ضحكا
وحبا له..
يحب الخير لتلاميذة ويدعو لهم.. وما أن ينتبه الى انة اخذ يدعو لهم حتى تعاوده نقمتة على
التعليم ورجال التعليم وطلبة العلم فيصرخ بأعلى صوته"هذة ذقني إذا أفلح واحد فيكم كلكم
تتخرجون الى السجون بإذن الله.. اعرفكم من وجوهكم..
ويضج الصف بالضحك كعادتهم عندما ينتهي من شتائمه..
ويظل الاستاذ عبدالرؤوف يوزع شتائمة حتى تصل الى صاحب العمارة التي يسكن فيها في
حولي وكيف انة يطالبه برفع الاجر شهرا بعد شهر.. وعندما يقول له أحد الطلبة: استاذ
مارأيك أن تسكن عندنا بالمجان..بشرط أن أنجح في مادة التربية الاسلامية واللغة العربية؟
يقول الاستاذ عبدالرؤوف وهو يصوب عينية نحو صاحب الاقتراح: الله يعمر بيتك يابني
وان شاء الله يسكن معاك الشياطين ويلحسوا عقلك اكتر ماهو ملحوس
"!
ويضج الصف الصف بالضحك اللذي ينقطع بمجرد ان يرفع الاستاذ عبدالرؤوف
"!
ويضج الصف الصف بالضحك اللذي ينقطع بمجرد ان يرفع الاستاذ عبدالرؤوف
يده..والاستاذ متاسمح معهم لانة يحبهم ولو انه لايظهر ذلك الحب الا في مرات نادرة...كما
حصل مع احمد عندما امتدحة وأخذ يمسح على راسه عندما زارهم الموجه, وكان الاستاذ
عبدالرؤوف يقول له: لقد طولت رقبتي يا أحمد, وبمجرد ان خرج احمد بهذا الاطراء اذ
بالاستاذ عبدالرؤوف يفاجئة بقولة: ولكنك مثل البقية يا أحمد سوف تتخرج على السجن
طوالي.. وفجأة انتقل الاستاذ عبدالرؤوف الى ثانوية اخرى, وعلم الطلبة ان سبب نقله هو
رفضه ان ينافق المدرس الاول..وحزنوا علية حزنا شديدا واتفقوا جميعا على انة مثال
المدرس المحب لتلامذتة وانة نقي,يستمد ذلك النقاء من فطرتة الريفية,وانقطعت اخباره
عنهم, وشغلتهم الدنيا عن السؤال عنة, الى ان رآه احمد هذا اليوم. ولم ينتبة الا على زميلة
المسؤول وهو يصرخ: استاذ عبدالرؤوف..حقك بالخدمة اخذتة بلا زيادة او نقصان.. ورد
الاستاذ عبدالرؤوف خدمة خمسة وعشرين سنة..وهذا حقي فقط؟ ليه... لو كنت اعمل
فراشا لكانت مكافأتي اكثر..الله يرحمك يا والدي ما قلت لك بلاش الشغلانة دي..
ضحك احمد في سره وقال: للآن ناقم على والديك استاذي؟
نهض احمد ودنا من الاستاذ عبدالرؤوف......
يتبع